الملك له لا لغيره ، فكلّ ما يملكه الإنسان فهو يملكه ، فصار هذا منشأً لاثبات كثير من الصفات الثبوتية.
الطريق الثاني التي يمكن التعرّف بها على ما في ذاته سبحانه من الجمال والكمال طريق التدبّر في النفس والكون أي في آياته الأنفسية والافاقية امتثالاً لقوله سبحانه :
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ( فصّلت / ٥٣ ) (١).
فمطالعة الكون المحيط بنا وما فيه من بديع النظام وغريب الموجودات يكشف لنا عن علمه الوسيع وقدرته المطلقة فمن خِلال هذه القاعدة وعبر هذا الطريق ، يمكن للإنسان أن يهتدي إلى قسم كبير من الصفات الإلهية الجماليّة ( الثبوتية ) والجلالية ( السلبية ) وقد سلك هذا الطريق المحقّق نصير الدين وقال : « والأحكام والتجرّد واستناد كلّ شيء إليه دلائل علمه » (٢).
وقول شيخنا المحقّق الطوسي ليس فريداً في ذلك الباب بل سبقه شيخنا أبو جعفر الطوسي في بعض كتبه وقال عند البحث عن علمه سبحانه :
« وأمّا الذي يدل على أنّه عالم هو أنّ الإحكام ظاهر في أفعاله كخلق الإنسان وغيره من الحيوان لأنّ فيه من بديع الصنعة ومنافع الأعضاء وتعديل الامزجة وتركيبها على وجه يصحّ معه أن يكون حيّاً لا يقدر عليه إلاّ من هو عالم بما يريد فعله ،
__________________
(١) والاستدلال مبني على عود الضمير المنصوب في « انّه الحق » الى الله سبحانه.
(٢) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ص ١٧٤ ( ط صيدا ) والاستدلال بالتجرّد ، استدلال عقلي والاستدلال بالأحكام واستناد كل شيء اليه ، استدلال بآيات وجوده على كماله.