وقد جاء في الذكر الحكيم في موردين ووقعا إسماً له سبحانه.
قال سبحانه : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( الأنعام / ١٦٥ ).
وقال سبحانه : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( الأعراف / ١٦٧ ).
أمّا السرعة فقد مضى معناه وأمّا العقاب فعن الخليل أنّه قال : كلّ شيء يعقب شيئاً فهو عقيبه ، ولأجل ذلك يطلق على الليل والنهار العقيبان ، وإنّما سمّيت العقوبة عقوبة لأنّها تكون آخراً وثاني الذنب (١) وكأنّ الذنب يخلف العقاب ويعقبه ، قال الراغب : العقب مؤخّر الرجل ، والعقوبة والمعاقبة تختصّ بالعذاب.
قال سبحانه : ( فَحَقَّ عقاب ـ شديد العقاب ـ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ ) والتعقيب أن يأتي بشيء بعد آخر.
وكونه سبحانه « شديد العقاب » ليس بمعنى كونه كذلك دائماً وإنّما يختصّ ذلك بموارد يستوجب سرعة العقاب ، كطغيان العبد وعتوّه فيسرع إليه العقاب ويأخذه بأشدّه.
ولأجل عدم كونه فعلاً له سبحانه على الدوام ; ضمّ إليه في الآيتين الاسمين الآخرين وقال « إنّه لغفور رحيم » ولو كان فعلاً له سبحانه على نحو الاستمرار لما صحّ الجمع بين الاسمين ، يقول سبحانه : ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) ( العنكبوت / ٥٣ و ٥٤ ).
__________________
(١) معجم مقاييس اللغة ج ٤ ص ٧٧ ـ ٧٨ بتلخيص.