وبذلك يتّضح كون العقاب على قسمين : قسم يعمّ الظالم في العاجل وقسم يشمله في الآجل كل ذلك لحكمة خاصّة هو واقف عليها ، غير أنّ رحمته وغفرانه سبقا غضبه وعقابه.
قال سبحانه : ( وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) ( يونس / ١١ ).
قد ورد لفظ « السلام » في الذكر الحكيم معرّفاً سبع مرّات ومنكراً خمس وثلاثون مرّة ووقع في مورد واحد اسماً له سبحانه ، وقال :
( هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الحشر / ٢٣ ).
أمّا السلام لغة ، فقد قال ابن فارس : معظم بابه من الصحّة والعافية ، فالسلامة أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى ، قال أهل العلم : الله جلّ ثناؤه هو السلام ، لسلامته ممّا يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء. قال الله جلّ جلاله : ( وَاللهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلامِ ).
وقال الراغب : السلامة : التعرّي من الآفات الظاهرة والباطنة قال : « بقلب سليم » أي متعرٍّ من الدغل وهذا في الباطن ، وقال تعالى : ( مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا ) وهذا في الظاهر ، وقال تعالى : ( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ ) أي السلامة ، والسلامة الحقيقيّة ليست إلاّ في الجنّة إذ فيها بقاء بلا فناء ، وغنى بلا فقر ، وعزّ بلا ذلّ ، وصحّة بلا سقم ، وقيل « السلام » اسم من أسماء الله تعالى وصف بذلك حيث لا تلحقه العيوب والآفات التي تلحق الخلق (١).
__________________
(١) المفردات : ص ٢٣٩.