قد ورد لفظ « الشهيد » في الذكر الحكيم معرّفاً ومنكراً ٣٥ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في ٢٠ مورداً.
قال سبحانه : ( لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ ) ( آل عمران / ٩٨ ).
وقال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ( الحج / ١٧ ) (١).
وأمّا معناه فقد قال ابن فارس : إنّه أصل يدلّ على حضور وعلم واعلام من ذلك : الشهادة ، والمشهد محضر الناس.
وقال الراغب : الشهود والشهادة : الحضور مع المشاهدة أمّا بالبصر أو بالبصيرة وقد يقال للحضور مفرداً ، قال : « عالم الغيب والشهادة » ، ويقال للمحضر مشهد ، وللمرأة التي يحضرها زوجها مشهد ، وجمع مشهد مشاهد ومنه مشاهد الحج وهي مواطنه الشريفة التي يحضرها الملائكة والأبرار من الناس.
أقول : الظاهر انّ الشهادة موضوعة للحضور وافادتها العلم ، لأنّها تلازمه ويدلّ على ذلك قوله سبحانه : ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) ( الحجّ / ٢٨ ). و ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ) ( النور / ٢ ). ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) ( الفرقان / ٧٢ ).
فمعنى كونه سبحانه « شهيداً » على كل شيء أنّه لا يخفى على الله منه شيء كما صرّح وقال : ( فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ) ( طه / ٧ ) ومع ذلك لأنّه ليس بينه وبين
__________________
(١) لاحظ النساء / ٣٣ و ٧٩ و ١٦٦ ، المائدة / ١١٣ و ١١٧ ، الأنعام / ١٩ ، يونس / ٢٩ و ٤٦ ، الرعد / ٤٣ ، الإسراء / ٩٦ ، العنكبوت / ٥٢ ، الأحزاب / ٥٥ ، سبأ / ٤٧ ، فصّلت / ٥٣ ، الاحقاف / ٨ ، الفتح / ٢٨ ، المجادلة / ٦ ، البروج / ٩.