بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بطن خفيّات الاُمور ، ودلّت عليه أعلام الظهور ، وامتنع على عين البصير ، فلا عين من لم يره تُنكره ، ولا قلبُ من أَثْبَتَهُ يُبصره ، سبق في العلوّ فلا شيء أعلى منه ، وقرب في الدنوّ فلا شيء أقرب منه ، فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه ، ولا قربه ساواهم في المكان به ، لم يطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، وهو الذي تشهد له أعلام الوجود ، على إقرار قلب ذي الجحود ، تعالى الله عمّا يقول المشبّهون به والجاحدون له علوّاً كبيراً (١).
نفتتح هذا الجزء ( السادس ) من أجزاء موسوعتنا « مفاهيم القرآن الكريم » بهذه الخطبة المباركة ، المنقولة عن أمير البيان والبلاغة ، وسيد الموحّدين وقدوة العارفين ، وفيها براعة استهلال لما نرومه في هذا الجزء ، وهو البحث عن أسمائه وصفاته وإثباتها له سبحانه في عين التنزيه ، وتنزيهه سبحانه عن شوائب الإمكان مع التوصيف.
__________________
(١) اقتباس من خطبة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ( نهج البلاغة ، الخطبة ٤٩ ).