إنّ المنطق يبحث عن مفاهيم ، مثل النوع والجنس ، والمعرّف ، والحجّة ، وغير ذلك من المفاهيم التي تعد موضوعات لذلك العلم.
فالنوع عبارة عن مفهوم يحكي عن القدر المشترك بين أفراد متّحدة الحقيقة كالإنسان والجنس عبارة عن تمام الحقيقة المشتركة بين الجزئيات المتكثّرة بالحقيقة في جواب ما هو كالحيوان.
ومن المعلوم أنّ القدر المشترك ، سواء أكان قدراً مشتركاً لمتّفقة الحقيقة أو لمختلفتها لا يمكن أن يكون له مصداق في الخارج ، لأنّ الخارج طرف للتعيّن والتشخّص ، فما لزيد من الإنسانيّة فهو يختصّ به ، وما لعمرو منها فهو له خاصّة أيضاً ، ولا يعد كلّ ما يختصّ قدراً مشتركاً ، وإنّما القدر المشترك هو المفهوم الذهني الذي لا يتشخّص ، ولا يتقرّر بعنوان فرد من الأفراد ، ولأجله يقدر أن يحكي عن كلا الفردين ، بسعة مفهومه وعموميّة معناه.
فلأجل ذلك لا يوجد لهذه المفاهيم موطن إلاّ الذهن ، وليس له مصداق إلاّ فيه ، ومع ذلك فهو يحكي بنحو من الأنحاء عن الخارج ، ويؤخذ منه بشكل من الاشكال ، لكن الحكاية عن الخارج ، غير كون الخارج مصداقاً له ، كما أنّ أخذه من الخارج بمقايسة الأفراد بعضهم ببعض غير كونه مأخوذاً من الخارج مباشرة ...
وبذلك يعلم أنّ المعرِّف بما هو أمر كلّي يعرف أمراً كلّياً ليس له موطن إلاّ في الذهن كالحيوان الناطق المعرّف للإنسان ، وهكذا الحجّة بما هو قضايا كلّيّة يستدلّ بها على قضية كلّية اُخرى لا موطن لها إلاّ الذهن.
فإنّ الاستدلال عبارة عن الانتقال عن العلّة إلى معلوله أو منه إلى علّته أو من اللازم إلى اللازم فكلّ هذه الاُمور قضايا كلّية تهدينا إلى قضية كلّية اُخرى.