وإن شئت قلت : « إنّ ذات الباري تعالى باعتبار صلاحيتها للمعلوميّة في الجملة مغايرة لها باعتبار صلاحيتها للعالميّة في الجملة وهذا القدر من التغاير يكفي لتحقّق النسبة » (١).
وبعبارة ثالثة : إنّ الذات من حيث انّها عالمة مغايرة لها من حيث هي معلومة فصحّت.
وإلى ما ذكرنا يشير الفاضل المقداد من أنّ الصورة إنّما تعتبر في غير العلم بالذات كالعلم بالأشياء لا في العلم بالذات (٢).
والحاصل : انّ التعدد والتغاير إنّما هو في العلم الحصولي ففيها الصور المعلومة غير الهوية الخارجيّة.
وأمّا إذا كان الذات بالذات نوراً وانكشافاً وعلماً وحضوراً فلا يشترط فيه التعدّد والتغاير بل يصحّ اطلاق العالم والمعلوم عليه بالحيثيتين.
فلأجل انكشاف ذاته لذاته يسمّى « علماً » وبحسب كون الذات مكشوفة تسمّى « معلوماً ».
وإن شئت قلت : باعتبار أنّه يدرك ذاته فلا تغيب ذاته عن ذاته فهو عالم.
وباعتبار أنّ الذات حاضرة لديه فهو معلوم.
وإلى ذلك يشير كلام أمير المؤمنين علي عليهالسلام : « يا من دلّ على ذاته بذاته ».
إلى هنا تمّ الكلام في علمه سبحانه بذاته وحال حين البحث عن علمه بالأشياء وإليك البيان.
__________________
(١) شرح القوشجي : ص ٣١٣.
(٢) ارشاد الطالبين : ص ٢٠١.