اللازم ممتنع الانفكاك عن الملزوم ، وحكم المنجّم بما سيقع ، والطبيب الحاذق حيث يقول : الشيء الفلاني ينذر بكذا وكذا من هذا الباب (١).
ربّما يستدل على علمه سبحانه بالأشياء قبل الايجاد بالقاعدة الشريفة التي تفطّن إليها الفيلسوف الكبير صدر الدين الشيرازي وهي : « بسيط الحقيقة كلّ الأشياء على النحو الأتم الأكمل الأبسط » وهذه القاعدة تثبت علمه سبحانه بالأشياء قبل الايجاد في مرتبة الذات بالتوضيح التالي :
إذا لاحظنا الوجودات الخاصة كالسماء والأرض ونحوهما نرى ثمّة وجوداً كوجود السماء ـ مثلاً ـ ولهذا الوجود حداً ، وينتزع من حدّه ماهيّة ، وهي ماهيّة السماء ، فيلاحظ حينئذ أشياء ثلاثة : ذات الوجود ، وحدّه ، والماهية المنتزعة من حد ، فينحلّ الملحوظ إلى ثلاثة :
١ ـ حقيقة الوجود.
٢ ـ حد ذلك الوجود ، والمراد من الحد : فقدان تلك المرتبة من حقيقة الوجود الثابت لمرتبة اُخرى.
٣ ـ الماهيّة المنتزعة من ذلك الحد التي تكون قالباً للوجود الخاص به.
فيكون الموجود ـ بعد الانحلال ـ مركباً من أشياء ثلاثة لا يكون المتحقّق منها إلاّ نفس الوجود.
وأمّا الحدّ فهو راجع إلى الفقدان ، كما أنّ الماهيّة أمر عدمي أيضاً ولكنّه صار موجوداً بالوجود ، ولولاه لما كان لها وجود.
فكلّ موجود كان مركّباً من هذه الاُمور الثلاثة أي من ( وجود وعدم وعدمي )
__________________
(١) المنظومة قسم الفلسفة : ص ١٦٤.