بحسب المعنى موجودة بوجودة واحد بسيط ، ففي هذا المشهد الالهي والمجلي الأزلي ينكشف وينجلي الكلّ من حيث لا كثرة فيها ، فهو الكلّ في وحده (١).
قال العلامة الطباطبائي : « إنّ ذاته المتعالية حقيقة الوجود الصرف البسيط الواحد بالوحدة الحقّة الذي لا يداخله نقص ولا عدم ، فلا كمال وجوديّاً في تفاصيل الخلقة بنظامها الوجودي إلاّ وهي واجدة له بنحو أعلى وأشرف ، غير متميّز بعضها من بعض لمكان الصرافة والبساطة فما سواه من شيء فهو معلوم له تعالى في مرتبة ذاته المتعاليّة علماً تفصيليّاً في عين الإجمال وإجماليّاً في عين التفصيل (٢).
إلى هنا تمّ الكلام في علمه بأفعاله أي الأشياء قبل وجودها. بقي البحث عن علمه بها بعد الايجاد. وإليك الكلام فيه.
يستدل على علمه بالأشياء بعد ايجادها بوجوه :
الأوّل : قيام الأشياء به يستلزم علمه بها
إنّ الأشياء أعمّ من المجرّدات والماديّات ـ معلولة لله سبحانه على سبيل ترقّب الأسباب والمسبّبات ، وكلّ معلول حاضر بوجوده العيني عند علّته غير غائب ولا محجوب عنه ، فالأشياء في عين معلوليّتها نفس علمه العقلي بعد الإيجاد (٣).
وتوضيحاً لهذا الدليل نقول :
إنّ كلّ موجود سواه فهو ممكن في وجوده ، معلول في تحقّقه ـ له سبحانه ـ و
__________________
(١) الاسفار : ج ٦ ، ص ٢٧٠ ـ ٢٧١.
(٢) نهاية الحكمة : ص ٢٨٩.
(٣) نهاية الحكمة : ص ٢٩٠ ، الطبعة الجديدة.