فبما أنّ الصادر الأوّل حاوٍ لكلّ كمال موجود في الكائنات والموجودات التالية ، هو قضاء الله سبحانه عندهم ومن مراتب علمه تعالى ، فالعلم به ، بجميع ما دونه من المراتب ، كما أنّ القدر عبارة عن الوجود التفصيلي للأشياء سواء كانت بصورها العلميّة القائمة الموجودات المجرّدة ، أم بوجودها الخارجي الشخصي.
فهذه مراتب علمه سبحانه ، غير أنّ الغور والتعمّق في بيان حقائقها من الاُمور العويصة التي لا يتمكن الإنسان من الوقوف عليها والتطلّع إليها من خلال هذه العلم.
نعم ، القضاء والقدر من المعارف العليا التي نطق بها القرآن الكريم ، وسنبحث عنها لدى الحديث عن عدله سبحانه سواء أصحّ تفسيرهما بالوجود الاجمالي للأشياء ، أو بالوجود التفصيلي لها أم لا.
وأخيراً نقول : إنّ هذه التعابير العشرة الواردة في القرآن الكريم ، يمكن ارجاع بعضها إلى البعض الآخر ، كما يمكن عدّ كل منها مرتبة مستقلة من مراتب علمه ، ويظهر ذلك بالغور في الآيات الواردة في هذا المجال.
إنّ للباحثين في علمه سبحانه بالأشياء مذاهب شتّى حتّى إنّ بعضهم أنكره من أصله.
كما أنّ للمثبتين آراء مختلفة أنهاها المحقق السبزواري إلى أحد عشر رأياً نشير إلى بعضها هنا :
الأوّل : إنّ له تعالى علماً بذاته دون معلولاتها لأنّ الذات المتعالية أزليّة ، وكل معلول حادث ، فلا يمكن أن يكون الحادث معلوماً في الأزل.
وقد عرفت بطلان هذا الرأي من وجوه مختلفة ، منها :