وقد أوضحه العلاّمة بقوله : احتجّ الحكماء لنفي علمه بالجزئيات الزمانيّة بأنّ العلم يجب تغيّره عند تغيّر المعلوم وإلاّ لانتفّت المطابقة ، لكن الجزئيات الزمانيّة متغيّرة فلو كانت معلومة لله تعالى لزم تغيير علمه تعالى ، والتغيّر في علم الله تعالى محال.
وقال العلاّمة ابن ميثم البحراني في هذا الصدد :
ومنهم من أنكر كونه عالماً بالجزئيات على الوجه الجزئي المتغيّر ، وإنّما يعلمها من حيث هي ماهيّات معقولة ، وحجّتهم أنّه لو علم كون زيد جالساً في هذه الدار فبعد خروجه منها إن بقي علمه الأوّل كان جهلاً وإن زال لزم التغيّر ، لأنّ واجب الوجود ليس بزماني ولا بمكاني ، وليس ادراكه بالآلة وكل مدرك بجزئي زماني من حيث هو متغيّر ، يجب أن يكون كذلك ، فواجب الوجود لا يدرك الجزئي من حيث هو متغيّر (١).
وأجاب عنه المحقّق الطوسي بعبارة وجيزة بقوله : « وتغيّر الاضافات ممكن ».
وأوضحه العلاّمة الحلّي بقوله : « إنّ التغيّر هذا إنّما هو في الاضافات لا في الذات ولا في الصفات الحقيقيّة كالقدرة التي تتغيّر نسبتها ، واضافتها إلى المقدور عند عدمه ، وإن لم تتغيّر في نفسها ، وتغيّر الاضافات جائز لأنّها اُمور اعتبارية لا تحقّق لها في الخارج (٢).
وحاصله أنّ العلم كالقدرة فلو استلزم تعلّق العلم بالجزئيات تغيّره عند تغيّر المعلوم يلزم أن يستلزم التغيّر في قدرته أيضا ، عند تعلّقها بالجزئيات لأنّ الجزئيات التي تتعلّق بها المقدرة هي في مسير التغيّر والتبدّل والتحوّل والتطوّر ، والقدرة من صفات الذات فما هو الجواب في جانب القدرة هو بعينه جار في جانب العلم.
__________________
(١) قواعد المرام : ص ٩٨.
(٢) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ص ١٧٦.