من المباحث التي شغلت بال القدماء والمتأخّرين ، هو مسألة اتحاد الاسم والمسمّى وهو بحث لا يحتاج إلى التفصيل ، يقول الرازي : إنّ هذا البحث ممّا لا يمكن النزاع فيه بين العقلاء ، فإن كان المراد من الاسم هو اللفظ الدال على الشيء بالوضع ، وكان المسمّى عبارة عن نفس ذلك الشيء ، فالعلم الضروري حاصل بأنّ الاسم غير المسمّى وإن كان الاسم عبارة عن ذات الشيء ( المدلول ) والمسمّى ايضاً ذات الشيء كان معنى قولنا الاسم نفس المسمّى هو أن ذات الشيء نفس ذات الشيء فثبت أن الخلاف الواقع في هذه المسألة إنّما كان بسبب أنّ التصديق ما كان مسبوقاً بالتصوّر وكان اللائق بالعقلاء أن لا يجعلوا هذا الموضع مسألة خلافية (١).
هذا وان شيخ مذهبه « أبا الحسن الأشعري » قد زاد في الطين بلّة فعاد يفصّل فيها ويقول : إنّ الاسم ( يريد مدلوله ) عين المسمّى أي ذاته من حيث هي هي نحو الله فإنّه اسم للذات من غير اعتبار معنى فيه ، وقد يكون غيره نحو الخالق والرازق ممّا يدل على نسبته إلى غيره ، ولا شك انّ تلك النسبة غيره وقد يكون لا هو ولا غيره كالعليم والقدير مما يدل على صفة حقيقية قائمة بذاته (٢).
ولا يخفى إنّ صحّة كلامه يتوقف على تسليم اصطلاح خاص له.
ففي الشق الأوّل الذي يدعى فيه انّ الاسم عين المسمّى يريد من الاسم المدلول لا اللفظ المتكلّم به وهو اصطلاح جديد لم نسمعه إلاّ منه ومن أمثاله.
كما أنّ حكمه بأنّ الخالق والرازق غيره ، مبني على كون المشتق بمعنى المبدء أي الخلق والرزق ، وانّ معنى المشتق هو نسبة المبدء إلى الذات على نحو خروج الذات عن مدلول المشتق.
__________________
(١) لوامع البينات للرازي ص ١٨.
(٢) شرح المواقف ج ٨ ص ٢٠٧.