قد ورد لفظ القدير في الذكر الحكيم ٤٥ مرّة ووقع في جميع المواضع وصفاً له سبحانه.
قال سبحانه : ( فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( البقرة / ٢٨٤ ).
والعناية التامّة ظاهرة من القرآن على كون قدرته عامّة لكل شيء فقد ورد قوله سبحانه : ( إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) في ٣٢ آية ، كما استعمل لفظ القدير مجرّداً تارة ومع « عليم » أخرى ، قال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) ( النحل / ٧٠ ). و « عفوّ » ثالثاً قال سبحانه : ( فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ) ( النساء / ١٤٩ ).
والحق إنّ القدرة والعلم من أسمى صفاته سبحانه كما أنّ العالم والقادر من أظهر أسمائه سبحانه ، فلاعتب علينا لو بسطنا الكلام هنا كما بسطناه في اسم « العالم » و « العليم ».
وأمّا معناه فقد جعل « ابن فارس » : الأصل في معناه مبلغ الشيء وكنهه ونهايته ، فالقدر مبلغ كلّ شيء وقدّرت الشيء واُقدّره من التقدير ، ثمّ قال : وقدرة الله تعالى على خليقته : إيتاؤهم بالمبلغ الذي يشاؤه ويريده. ثمّ قال : « رجل ذو قدرة وذو مقدرة أي يسار ومعناه أنّه يبلغ بيساره وغنائه من الاُمور المبلغ الذي يوافق إرادته ، ولا يخفى أنّ جعل الأصل في القدرة هو مبلغ الشيء وكنهه ونهايته ، يعسِّر اشتقاق القدرة منه بمعنى الاستطاعة ، ولأجل ذلك أعرض الراغب عنه وفسّره بقوله : « القدرة إذا وصف به الإنسان فإسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شيء ما ، وإذا وصف الله تعالى بها فهي نفي العجز عنه » ، وقال : محال أن يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنىً وإن اُطلق عليه لفظاً ، وقال : القدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضي الحكمة لا زائداً عليه ولا ناقصاً عنه ، ولذلك لا يصحّ أن يوصف به إلاّ الله تعالى.