يقف على ما في هذا النظام من السنن والقوانين التي تحيّر العقول.
ويكفي في ذلك إذا لاحظنا النظام السائد على الكون بدءاً من السماء وما فيها من نجوم وكواكب وما فيها من منظومات ومجرّات ومروراً بالأرض ، وما فيها من عوالم كعالم الحيوان وعالم البحار وعالم النبات وعالم الحشرات ، وما فيها من بدائع الصنع ورائع الخلق. ـ فإذا لاحظنا ـ تتمثّل قدرته تعالى أمام أعيننا قدرة لا يمكن تحديدها ، وعلى ذلك فكما أنّ وجود كل ممكن يدلّ على وجود صانع له فكذا صفات المصنوع كاشفة عن صفات الصانع ، فالملحمة الشعرية كما تحكي عن وجود الشاعر ، تعرب عن مدى مقدرته الخياليّة وذوقه الخلاّق ، حيث استطاع بذوقه المتفوّق على التحليق في آفاق الخيال ، وسبك المعاني في قوالب الألفاظ الجميلة. فكتاب « القانون » لابن سينا في الطب و « الشفاء » له في الفلسفة ، و « الملحمة البطولية » للفردوسي تعكس قدرة المؤلّفين وإحاطتهم على الطبّ والفلسفة وخلق المفاهيم والمعاني في عالم الخيال.
يقول الإمام أمير المؤمنين في بعض خطبه :
« وأرانا من ملكوت قدرته وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ... » (١).
ومن دلائل قدرته أن خلق الإنسان وخلق غيره من الأشياء وأعطى لكلّ موجود حرّ مختار قدرة يقتدر بها على ايجاد البدائع والغرائب من الأشياء ، ومعطي هذا الكمال ومفيضه لا يكون فاقداً له ، والذي أظن إنّ المقام غني عن إقامة البرهان ، إنّما الكلام في فروع هذا الوصف التي مهمّها عبارة عن سعة قدرته لكل شيء.
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة٨٧ المعروف بخطبة الاشباح.