نعم هناك بيان آخر لتوحيد الاسم مع المسمّى غير معتمد على اصطلاح الأشعري من تفسير الاسم بالمدلول الذي هو متّحد مع المسمّى ، وهذا الوجه هو ما أشار إليه علماء العرفان من انّ كلاًّ من العالم والقادر والخالق ليس اسماً للذات المقدسة بل اسم للاسم ، والاسم للذات المقدسة هو الذات المنكشفة بحقيقة العلم أو القدرة.
توضيح ذلك : إنّه قد يطلق الأسم على اللفظ الدال على الذات المتّصفة بوصف الكمال ، دلالة بالجعل والمواضعة وعندئذ يكون الاسم من قبيل الألفاظ والمسمّى من قبيل الأمر الخارجي ، وعلى ذلك فلا مسوّغ للبحث عن الاتحاد.
وقد يطلق على الذات المنكشفة ، بوصف من صفاته الكمالية وذلك لأنّ ذاته سبحانه مبهمة في غاية الإبهام غير معروفة لأحد من خلقه ، وإنّما تعرف عن طريق صفاته الجمالية ، ولولا الصفات لما عرف سبحانه بوجه ، وعلى ذلك يكون المراد من الاسم هو الحقيقية الخارجية المبهمة غاية الابهام ، المنكشفة لنا بواحد من صفاته وعلى هذا يكون المراد من الاسم الذات المنكشفة ، والمراد من الوصف نفس الكمال الواقعي ، والاسم والوصف بهذا المعنى ليسا من الأمور الملفوظة أو الذهنية بل من الاُمور الواقعيّة الحقيقيّة العينيّة وعندئذ يكون ألفاظ الحي ، والقادر ، والعالم أسماء للاسم ، كما يكون الحياة ، والقدرة ، والعلم أوصافاً للوصف لا أسماء وصفاتاً لذاته سبحانه ، فالاسم نفس المسمّى لكن اسم الاسم غيره ، وهذا المعنى الدقيق العرفاني لا يقف عليه إلاّ من له قدم راسخ في الأبحاث العرفانية وأين هو من تفسير الشيخ ، الاسم بالمدلول والحكم بأنّ المدلول نفس المسمّى ؟
وعلى أيّ تقدير فالظاهر من الروايات أنّ القول بالاتحاد كان ذائعاً في عصر أئمّة أهل البيت وما ذكره الشيخ الأشعري كان توجيهاً لتلك العقيدة الباطلة وإن كان أصحابها غافلين عن ذلك التوجيه ، وإليك ما روي عنهم عليهمالسلام في