أفعال تقوم بالفاعل المادي ، والله سبحانه مجرّد ومنزّه عن المادّيّة والجسمانيّة فعدم صدورها منه إنّما هو لأجل تنزّهه سبحانه من أن يقع محلاً للفعل والانفعال والحركة والحدوث.
ومع ذلك كلّه فالإنسان وما يأتي به من الأفعال المباشريّة إنّما هي باقتداره سبحانه وحوله وقوّته بحيث لو انقطع ما بين العبد وربّه من صلة ، وانقطع الفيض لصار الإنسان مع فعله خبراً بعد أثر.
وسيوافيك تفصيل ذلك في الشبهة التالية.
ذهب الجبّائيّان إلى عدم سعة قدرته تعالى قائلين :
« إنّ الله تعالى لا يقدر على عين مقدور العبد ، وإلاّ لزم إجتماع النقيضين ، إذا أراده الله وكرهه العبد ، أو بالعكس.
بيان الملازمة أنّ المقدور من شأنه الوقوع عند داعي القادر عليه ، والبقاء على العدم عند وجود صارفه ، فلو كان مقدور واحد واقعاً من قادرين ، وفرضنا وجود داع لأحدهما ، ووجود صارف للآخر في وقت واحد ، لزم أن يوجد بالنظر إلى الداعي ، وأن يبقى معدوماً بالنظر إلى الصارف ، فيكون موجوداً غير موجود ، وهما متناقضان.
والجواب أوّلاً : إنّ الجبائيين لم يستوفيا كافة الشقوق الممتنعة في المقام ، فقد بقي هناك شق ثالث وهو أنّه : إذا تعلّقت إرادة كل واحد منهما على نفس ما تعلّقت به إرادة الآخر ، فإنّ ذلك يعني أن تجتمع العلّتان التامّتان على معلول واحد وهو محال.
والجواب عن الجميع : هو ما عرفت من أنّ القدرة إنّما تتعلّق بالممكن بما هو ممكن ، فإذا عرض له الامتناع فلا تتعلّق به القدرة ، وعدم تعلّق قدرته بالممتنع