الشيء أن لا يقبل الأثر من الغير فيسمّى أيضاً قوّة ، وذلك لأنّ الإنسان الذي يقوىٰ على أن يصرع الناس يسمّى قويّاً شديداً والإنسان الذي لا ينصرع من أحد يسمّى أيضاً قوياً ، وبهذا التفسير يسمّى الحجر والحديد قويّاً » (١).
أقول : الظاهر أنّ ما ذكره من التفصيل للقوّة تحليل فلسفي ، والمتبادر من القوّة هو القدرة التامّة. نعم لازم كونه كذلك أن يكون مؤثّراً في الممكنات ، وأن لا يؤثّر فيه شيء ، لأنّ التأثّر من الغير آية الضعف ، فهو المؤثّر في كل شيء ، ولا يتأثّر من كل شيء ، والظاهر أنّ اطلاق القويّ على الله في الآيات بالاعتبار الأوّل.
يقول سبحانه : ( إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ المَتِينُ ) ( الذاريات / ٥٨ ).
ويقول سبحانه : ( إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الأنفال / ٥٢ ).
فإنّ شدّة العقاب آية التأثير في الغير وقال : ( وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) ( الأحزاب / ٢٥ ). فالغلبة في القتال آية القوّة.
قدورد لفظ « القيّوم » في الكتاب العزيز ٣ مرّات ووقع وصفاً له سبحانه في جميع الموارد.
قال سبحانه : ( اللهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) ( البقرة / ٢٥٥ ).
وقال : ( اللهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ ) ( آل عمران / ٢ و ٣ ).
__________________
(١) لوامع البينات : ص ٢٩٤.