إنّ الدقّة في الآيات الواردة حول الرؤية وسؤال بني اسرائيل إيّاها من نبيّهم يقف على أنّ القرآن يقابلها بالاستنكار الشديد فيتلقّاها أمراً منكراً.
١ ـ قال سبحانه : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ) ( البقرة / ٥٥ ).
٢ ـ قال سبحانه : ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ... ) ( النساء / ١٥٣ ).
٣ ـ وقال سبحانه : ( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ) ( الأعراف / ١٥٥ ).
٤ ـ وقال سبحانه : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ ) ( الأعراف / ١٤٣ ).
ومن أمعن في هذه الآيات من دون رأي مسبق يقف على أنّ القرآن يستنكر رؤية الله ويقابل من يطلبها ، بالصاعقة والرجفة واللّوم ، فمع هذه النصوص كيف يمكن لنا القول بجواز رؤيتها في الدنيا والآخرة ، أو في خصوص الآخرة ؟ فإنّ الأحكام العقليّة لا تقبل التخصيص ، فالجمع بين الضدين أو النقيضين محال في الدارين ، وهكذا القواعد الرياضيّة صادقة فيهما ، فهي لا تتخلّف في ظرف من الظروف وإلاّ صارت قضايا مشكوكة غير منتجة.