ثم إنّ للعلاّمة الطباطبائي نظرية في معنى الرؤية نذكرها هنا ملخّصة :
يقول العلاّمة : « والذي يعطيه التدبّر انّ حديث الرؤية والنظر الذي وقع في الآية إذا عرضناه على الفهم العامّي المتعارف حمله على رؤية العين ونظر الأبصار الذي يهيّئ للباصر صورة مماثلة لصورة الجسم المبصر في شكله ولونه.
وبالجملة ، هذا الذي نسمّيه الابصار الطبيعي يحتاج إلى مادة جسمية في المبصر والباصر جميعاً وهذا لا شك فيه.
والتعليم القرآني يعطي اعطاءً ضرورياً إنّ الله تعالى لا يماثله شيء بوجه من الوجوه في خارج ولا ذهن البتة.
وما هذا شأنه لا يتعلّق به الابصار بالمعنى الذي نجده من أنفسنا البتة ، ولا تنطبق عليه صورة ذهنية لا في الدنيا ولا في الآخرة ضرورة.
وقد أطلق الله الرؤية وما يقرب منها في موارد كثيرة من كلامه فتارة أثبتها ، وتارة نفاها.
فربّما تفسّر الرؤية بحصول العلم الضروري لمبالغة في الظهور ونحوها كما قيل.
وفيه انّا لا نسمّي كل علم ضروري رؤية. مثلاً إنّا نعلم علماً ضروريّاً بوجود « لندن » ولم نرها ولا نسمّيه رؤية.
وأوضح من هذا علمنا الضروري بالبديهيات الأوّلية التي هي بكلتيها غير مادّيّة ولا محسوسة ، مثل قولنا « الواحد نصف الاثنين » فإنّها علوم ضرورية يصحّ اطلاق العلم عليها ، ولا يصحّ اطلاق الرؤية عليها البتة.
نعم بين معلوماتنا ما لا نتوقّف في إطلاق الرؤية عليه واستعمالها فيه ، نقول : وأراني اُريد كذا وأكره كذا واُحبّ كذا.