خال عن تلك القرينة.
وأمّا التفصيل الذي ذكره الغزالي واختاره الرازي فحجّته انّا أجمعنا على أنّه لا يجوز لنا أن نسمّي الرسول باسم ما سماه الله به ، ولا باسمٍ ما سمّى هو نفسه به فإذا لم يجز ذلك في حقّ الرسول بل في حقّ أحد من آحاد الناس فهو في حقّ الله تعالى أولى (١).
يلاحظ عليه : إنّ ما لا يجوز في حقّ الرسول هو التسمية على وجه العلميّة كأن يقول : مكان يا محمداً ويا أحمد يا شيث فإنّه يعد نوع تصرف في سلطان الغير ، ولكن المراد بالتسمية هنا هو توصيفه بما صدر منه من الأفعال أو اتّصف به من الصفات فمنعه موضع تأمّل ، فلو قال رجل للنبي الأكرم أيها الصابر أمام العدو ، والصافح عنه فلا وجه لمنعه ، فالغزالي والرازي خلطا التسمية على وجه العلمية بالتسمية بمعنى توصيفه بمحامد صفاته وجلائل أفعاله.
ثمّ إنّه أورد على نفسه وقال : أليس انّ العجم يسمّون الله تعالى بقولهم : « خداى » والترك بقولهم « تنكرى » والاُمّة لا يمنعون من هذه الألفاظ ؟ أجاب : إنّ ذلك من باب الاجماع فيبقى ما عداه على الأصل (٢).
يلاحظ عليه : إنّ جواز ذلك ليس من باب الاجماع فإنّ ذلك كان ذائعاً قبل بعثة النبي صلىاللهعليهوآله فإنّ كلّ أمّة حسب وحي الفطرة تشير إلى القوّة الكبرىٰ السائدة على العالم بلفظ من الألفاظ ولم ينقل عن أحد منع الشعوب عن التكلّم بلسانها عمّا تجده في فطرتها والزامهم على التعبير عنه باللفظ العربي أو غيره.
والذي أظن أنّ تسميته بما ليس فيه ايهام لما لا يصحّ وصفه به جائز لا مانع منه ، وأمّا توصيفه به ، فلا وجه لمنعه لأنّ مدلول اللفظ لمّا كان ثابتاً في حقّه تعالى كان وصف اللّه تعالى به كلاماً صادقاً.
__________________
(١) لوامع البينات للرازي ص ٣٩.
(٢) لوامع البينات للرازي ص ٣٩.