حرف الميم
المائة والثامن : « المؤمن »
وقد ورد لفظ « المؤمن » في القرآن ٢٢ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في مورد واحد.
قال : ( اللهُ الَّذِي لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ ) ( الحشر / ٢٣ ).
ذكر ابن فارس : إنّ لمادته معنيين متقاربين ، أحدهما الأمانة التي هي ضد الخيانة ومعناها سكون القلب ، والآخر التصديق ، ويظهر من « الراغب » إرجاع المعنيين إلى معنى واحد قال : أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف. و « الأمن » و « الأمانة » و « الأمان » في الأصل مصادر.
وكأنّه يريد إرجاع المعنى الثاني أي التصديق إلى المعنى الأوّل وهو طمأنينة النفس وزوال الخوف ، وعلى كل تقدير فقد استعمل القرآن هذه المادة في المعنيين المذكورين قال حاكياً عن ولد يعقوب : ( وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا ) أي بمصدّق لنا ، وكما قال : ( وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) أي أعطاهم الأمان الذي هو ضد الاخافة ، وربّما يقال في إرجاع التصديق إلى المعنى الأوّل أي الأمان هو انّ المتكلم يخاف أن يكذّبه السامع فإذا صدّقه وآمن له ، فقد أزال ذلك الخوف عنه فسمّي التصديق إيماناً.
والظاهر أنّ المراد من المؤمن في الآية الذي وقع وصفاً له سبحانه هو « معطي الأمان » لعباده حيث يؤمّنهم عن العذاب في الدنيا والآخرة ، قال : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم