ثم إنّه ربما يستدل على التوقيفية بقوله سبحانه : ( وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ( الأعراف / ١٨٠ ).
والاستدلال مبني على أمرين :
١ ـ إنّ اللام في الأسماء الحسنى للعهد تشير إلى الأسماء الواردة في الكتاب والسنّة.
٢ ـ إنّ الالحاد هو التعدي إلى غير ما ورد فيهما.
وكلا الأمرين غير ثابت ، أمّا الأوّل فالظاهر ان اللام في الأسماء للاستغراق قدّم عليها لفظ الجلالة لأجل إفادة الحصر ومعنى الاية انّ كلّّ اسم أحسن في عالم الوجود فهو لله سبحانه لا يشاركه فيه أحد ، فإذا كان الله سبحانه ينسب بعض هذه الأسماء إلى غيره كالعالم والحيّ فأحسنها لله أعني الحقائق الموجودة بنفسها ، الغنيّة عن غيرها والثابتة أيضاً لغيره من العلم والحياة والقدرة المفاضة من جانبه سبحانه من تجلّيات صفاته وفروعها وشؤونها ، والآية بمنزلة قوله سبحانه : ( أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جَمِيعًا ) ( البقرة / ١٦٥ ) وقوله : ( فَإِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعًا ) ( النساء / ١٣٩ ) وعلى ذلك فمعنى الاية : إنّ لله سبحانه حقيقة كلّ اسم أحسن لا يشاركه غيره إلاّ بما ملّكهم منه كيفما أراد وحيث شاء.
وأمّا الثاني فلأن الالحاد هو الميل عن الوسط إلى أحد الجانبين وهو يتصوّر في أسمائه بوجوه :
١ ـ اطلاق أسمائه على الأصنام بتغيير ما كاطلاق « اللات » المأخوذ من الاله بتغيير على « الصنم » المعروف ، واطلاق « العزّى » المأخوذ من العزيز ، فكان المشركين يلحدون ويميلون عن الحقّ بسبب هذه الإطلاقات لإرادتهم التشريك والحطّ من مرتبة الله.