وقد ورد « المتعال » في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً له سبحانه.
قال : ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ المُتَعَالِ ) ( الرعد / ٩ ).
وأمّا معناه فهو من العلو بمعنى السمو والارتفاع ، يقال تعالى النهار أي ارتفع.
والمتعال صفة من التعالي وهو المبالغة في العلوّ كما يدل عليه قوله : ( تَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ) ( الاسراء / ٤٣ ).
فإنّ قوله علوّاً كبيراً مفعول مطلق لقوله سبحانه موضوع في محل قولنا تعالياً وهو سبحانه عليّ ومتعال ، أمّا أنّه عليّ فلأن العلوّ هو التسلط والله متسلّط على كل شيء ، وأمّا أنّه متعال فلأنّ له غاية العلو ، فهو العال غاية العلوّ.
ثمّ إنّ الهدف من توصيفه سبحانه بالأسماء الثلاثة في الآية هو التركيز على أنّه سبحانه محيط بكل شيء ( عالم الغيب والشهادة ) يملك كل كمال ( الكبير ) المتسلّط على كل شيء ولا يتسلّط عليه شيء ، فهو يعلم الغيب كما يعلم الشهادة ، ولا يغلبه غيب حتى يعزب عن علمه شيء ، لأنّه جامع لكل كمال ، ومتسلّط على كل شيء (١).
ثمّ إنّ هناك احتمالاً آخر وهو أنّ المقصود من المتعال هو تعاليه عن كل عيب ونقص وعن كل شريك وند ، عمّا يجول في فكر المشركين والكافرين ، ويؤيّد ذلك انّ فعل هذا الوصف جاء في القرآن الكريم ١٤ مرّة واُريد منه ذلك ، قال سبحانه :
( وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ) ( الأنعام / ١٠٠ ) (٢).
__________________
(١) الميزان : ج ١ ، ص ٣٣٧ ـ ٣٣٨.
(٢) وفي آيات :
( فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الأعراف / ١٩٠ ، يونس / ١٨ ، النحل / ١ و ٣ ، المؤمنون / ٩٢ ،