وقد ورد ذلك اللفظ في القرآن ٣ مرّات ووقع في مورد واحد وصفاً له سبحانه.
قال سبحانه : ( السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الحشر / ٢٣ ). وهو مأخوذ من الكبر ـ بسكون الباء ـ (١) بمعنى العظمة ، ومثله الكبرياء ، ومعنى المتكبّر هو من تلبّس بالكبرياء وظهر بها ، وإذا كان الكبر هو الحالة التي يوجب إعجاب المرء بنفسه ورؤية ذاته أكبر من غيره ، لا ترى لذلك الوصف حقيقة إلاّ في ذاته سبحانه.
قال الغزالي : « المتكبّر هو الذي يرىٰ الكل حقيراً بالاضافة إلى ذاته ، فلا يرى العظمة والكبرياء إلاّ لنفسه ، وينظر إلى غيره نظر الملوك إلى العبيد ، فان كانت هذه الرؤية صادقة كان التكبّر حقّاً وكان صاحبها محقّاً في ذلك التكبّر ، ولا يتصوّر ذلك على الاطلاق إلاّ في حق الله سبحانه وتعالى ، ولئن كانت تلك الرؤية باطلة ولم يكن ما يراه من التفرد بالعظمة كما يراه ; كان التكبّر باطلاً مذموماً ، وقد نقل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حاكياً عن ربّ العزّة جلّ جلاله : « الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، من نازعني واحداً منهما قذفته في النار » (٢) وعلى ذلك فالتكبّر صفة مدح وكمال في حقّه سبحانه وفي حقّ غيره صفة نقص واختلال.
ثمّ إنّ بعض أهل العربية زعم أنّ باب التفعّل بمعنى التكلف دائماً ، فوقع في تفسير ذلك الاسم في حيص وبيص ، والحق انّه ليس أصلاً دائميّاً بل ربّما يجيء بمعنى اظهار المبدأ كما هو الحال في باب التفاعل.
__________________
النمل / ٦٣ ، القصص / ٦٨ ، الروم / ٤٠ ، الزمر / ٦٧ ).
وهذا المعنى يعد فرعاً للمعنى الكلّي الذي فسّر به في تفسير « الميزان ».
(١) لا من الكبر ـ بفتح الباء ـ وهو الهرم والطعن في السن.
(٢) معنى الحديث أنّ العظمة له سبحانه والكبرياء عبارة عن إراءتها كما هو الحال في المتكبّر.