وقد ورد المتين في الذكر الحكيم ٣ مرّات ووقع في مورد واحد وصفاً له سبحانه.
قال سبحانه : ( مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ المَتِينُ ) ( الذاريات / ٥٧ و ٥٨ ).
و « المتين » من المتن قال ابن فارس : وهو في الأصل بمعنى الصلابة في الشيء مع امتداد وطول ، والمتنان من الإنسان مكتنفاً الصلب من عصب ولحم.
والظاهر أنّ الامتداد والطول ليس جزء لمعناه وإنّما هو من لوازم الجري حيث يطلق على الأرض الصلبة أو على ما يكتنف الصلب من عصب ولحم ، فلو اطلق على الحبل المستحكم « المتين » فهو من هذا الباب.
وجعل الرازي الأصل للمتن هو الظهر ، قال : أمّا المتين فهو الشديد واشتقاقه من المتانة وهي الصلابة لغة ، مأخوذاً من المتن وهو الظهر لأنّ استمساك أكثر الحيوان أن يكون بالظهر ، ولهذا سمّيت القوّة باسم الظهر وباسم المتين.
قال تعالى : ( وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) ( الإسراء / ٨٨ ) ويقال كلام متين إذا كان قوّياً (١).
وعلى كل تقدير فسواء كان الأصل هو الصلابة كما عليه ابن فارس أو الظهر كما عليه الرازي ، فلا يصحّ توصيفه سبحانه بواحد من المعنيين ، فوجب حمله على لازمه وهو الموجود الذي لا يتأثّر بالغير.
وقد عرفت أنّ القوّة لا ترادف القدرة المطلقة بل المراد المرتبة الشديدة منها فعلى ذلك يكون القويّ في الآية مرادفاً لقوله : ( ذُو الْقُوَّةِ ) كما يكون المتين تأكيداً له بمعنى أنّه لا يغلب ولا يتأثّر من غيره فيكون مرادفاً لقولنا واجب الوجود لذاته.
__________________
(١) لوامع البينات : ص ٢٩٥.