جهات من النقص والتشبيه ، فلأجل ذلك يقول الامام : « كفّوا عمّا سوى ذلك » أو « لا تتجاوزوا ما في القرآن » ، وأمّا إذا كانت التسمية بريئة عن النقص والعيب ، مناسبة لساحته سبحانه من العزّ والتنزيه كتوصيفه بواجب الوجود فالروايات منصرفة عنه.
والذي يقوّي ذلك الاحتمال انّه ورد في الأوساط الاسلامية صفات خبرية تعد من بدع اليهود والنصارى فقد أدخلها أحبار اليهود ورهبان النصارى حتى يشوّهوا بذلك عقائد المسلمين كما حقّفناه في موسوعتنا حول الملل والنحل (١).
وأمّا إذا كانت التسمية والتوصيف مطابقة للضوابط التي يستقل به العقل في توصيفه وتحميده وتكريمه فالروايتان منصرفتان عنه ، وبذلك يتّضح أنّه يصحّ تسميته بواجب الوجود ، وتوصيفه بالضرورة الأزلية ، وغير هما مما ورد في كتب الفلسفة والعرفان.
إنّ الكتاب والسنّة يثبتان لله سبحانه أسماءً وصفات متكثّرة ومختلفة هذا من جانب ، ومن جانب آخر تدل البراهين العقلية على أنّه سبحانه بسيط غير متكثّر فعندئذ كيف تجتمع البساطة مع كثرة الصفات ؟ فهما متغايران في بدء النظر.
وإن شئت قلت : إنّ الوحدة كمال والكثرة نقصان ، وهذا يقتضي وحدة الذات من دون طروء كثرة هناك. هذا من جانب.
ومن جانب آخر : إنّ الموجود الذي هو قادر على جميع المقدورات ، وعالم بجميع المعلومات ، حيّ ، حكيم ، سميع ، بصير ، أكمل من الموجود الذي ليس كذلك فلا مناص من اثبات الصفات المختلفة عليه وعندئذ يقع العقل في حيرة
__________________
(١) لاحظ : الجزء الأوّل من تلك الموسوعة التي انتشرت باسم « بحوث في الملل والنحل ».