اشتراكهما في تمام الماهية لا من حيث عوارضها المختلفة (١). فما فرضه ابن كمّونة ، فرض محال.
هذا البرهان مؤلّف من صغرى وكبرى ، والنتيجة هي وحدة الواجب وعدم إمكان تعدّده. وإليك صورة القياس حتى نبرهن على كل من صغراه وكبراه.
وجود الواجب غير متناه.
وكل غير متناه واحد لا يقبل التعدّد.
فالنتيجة : وجود الواجب واحدٌ لا يقبل التعدّد.
وإليك البرهنة على كل من المقدّمتين.
أمّا الصغرى : فإنَّ محدودية الموجود ملازمة لتلبُّسه بالعدم. ولأجل تقريب هذا المعنى لاحظ الكتاب الموضوع بحجم خاص ، فإنّك إذا نظرت إلى أي طرف من أطرافه ترى أنّه ينتهي إليه وينعدم بعده ، ولا فرق في ذلك بين صغير الموجودات وكبيرها ، حتى إنَّ جبال الهملايا مع عظمتها محدودة لا نرى أي أثر للجبل بعد حدّه. وهذه خصيصية كل موجود متناه زماناً أو مكاناً أو غير ذلك ، فالمحدوديّة والتلبّس بالعدم متلازمان.
وعلى هذا الأساس لا يمكن اعتبار ذاته سبحانه محدودة ، لأنّ لازم المحدوديّة الإنعدام بعد الحد كما عرفت ، وما هو كذلك لا يكون حقّاً مطلقاً مئة بالمئة بل يلابسه الباطل والإنعدام ، مع أنَّ الله تعالى هو الحق المطلق الذي لا يدخله باطل ، والقرآن الكريم يصف وجوده سبحانه بالحق المطلق وغيره بالباطل ، وما هذا إلاّ لأنّ وجود غيره وجود متلبّس بالعدم والفناء وأمّا وجود الله
__________________
(١) شرح الأسماء الحسنى : ص ١٢٨.