ومن عجيب البيان ما نقل عن الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليهماالسلام في هذا المجال في خطبة ألقاها على جماعة من العلماء ، وقال في ضمن تحميده سبحانه :
« لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلىٰ حَدِّه ، ولا له مِثْلٌ فيُعرَفُ مثله » (١).
ترى أنَّ الإمام عليهالسلام بعد ما نفى الحد عن الله ، أتى بنفي المِثْل له سبحانه ، لارتباط وملازمة بين اللامحدودية ونفي المثيل ، والتقرير ما قد عرفت.
إنَّ هذا البرهان مركّب من صغرى وكبرى على الشكل التالي :
الله سبحانه وجود صِرْف.
وكل وجود صرف واحد لا يتثنّى ولا يتكرّر.
فالنتيجة : الله سبحانه واحدٌ لا يتثنَّى ولا يتكرَّر.
أمّا الصغرى فإليك بيانها :
أثبتت البراهين الفلسفية أنَّهُ سبحانه منزَّه عن الماهية التي تحد وجوده ، وتحليله يحتاج إلى بيان دور الماهية في وجود الشيء فنقول : كل ما يقع في اُفق النظر من الموجودات الإمكانية فهو مؤلّف من وجود هو رمز عينيّته في الخارج ، وماهيّة تحد الوجود وتبيّن مرتبته في عالم الشهود والخارج. مثلاً : الزَّهرة الماثلة أمام أعيننا لها وجود به تتمثّل أمام نظرنا ، ولها ماهية تحدّدها بحد النباتية ، وتميزّها عن الجماد والحيوان ، ولأجل ذلك الحد نحكم عليها أنّها قد ارتقت من عالم الجماد ولم تصل بعد إلى عالم الحيوان. وبذلك تعرف أنّ واقعيّة الماهيّة هي واقعيّة التحديد. هذا من جانب.
__________________
(١) توحيد الصدوق ، ص ٣٣.