يظهر كل واحد منها في تشخّص ووجود خاص ، ويكون لكل واحد من هذه الأقانيم أصل مستقل وشخصيّة خاصّة متميّزة عمّا سواها.
لكن هذا شبيه الشرك الجاهلي الذي كان سائداً في عصر الجاهلية وقد تجلّى في النصرانية بصورة التثليث. وقد وافتك أدلّة وحدانية الله سبحانه.
٢ ـ أن تكون الأقانيم الثلاثة موجودة بوجود واحد ، فيكون الإله هو المركّب من هذه الاُمور الثلاثة ، وهذا هو القول بالتركيب ، وسيوافيك أنّه سبحانه بسيط غير مركّب ، لأنّ المركّب يحتاج في تحقّقه إلى أجزائه ، والمحتاج ممكن غير واجب.
هذا هي الإشكالات الأساسية المتوجّهة إلى القول بالتثليث.
إنَّ التاريخ البشري يرينا أنّه طالما عمد بعض أتباع الأنبياء ـ بعد وفاة الأنبياء أو خلال غيابهم ـ إلى الشرك والوثنيّة ، تحت تأثير المضلّين ، وبذلك كانوا ينحرفون عن جادّة التوحيد الذي كان الهدف الأساسي والغاية القصوى لبعثهم ، إنَّ عبادة بني إسرائيل للعجل في غياب موسى عليهالسلام ، أفضل نموذج لما ذكرناه ، وهو ممّا أثبته القرآن والتاريخ. وعلى هذا فلا داعي إلى العجب إذا رأينا تسرّب خرافة التثليث إلى العقيدة النصرانية بعد ذهاب السيد المسيح عليهالسلام وغيابه عن أتباعه.
إنّ مرور الزمن رسّخ موضوع التثليث وعمّق في قلوب النصارى وعقولهم ، بحيث لم يستطع أكبر مصلح مسيحي ـ أعني لوثر ـ الذي هذّب العقائد المسيحية من كثير من الأساطير والخرافات ، وأسّس المذهب البروتستاني ، أن يبعد مذهبه عن هذه الخرافة.
إنَّ القرآن الكريم يصرّح بأن التثليث دخل النصرانية بعد رفع المسيح من المذاهب السابقة عليها ، حيث يقول تعالى : ( وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ