وأمّا ايكال الإنسان الاُمور إلى الله سبحانه فهو مبني على اعترافه بالعجز بالقيام أوّلاً وكونه عالماً وقادراً ورحيماً ثانياً وهذه الصفات وهذا النحو غير حاصل إلاّ لله سبحانه الحي ، فلا جرم أن يكون وكيلاً بمعنى أنّ العباد العارفين يفوّضون اُمورهم إليه.
قال سبحانه : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ) ( الفرقان / ٥٨ ).
وقال سبحانه : ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ( الطلاق / ٣ ).
ثُمَّ إنّ إيكال الأمر إليه ليس بمعنى عدم القيام بفعل ، بل معناه أنّه يجب على العبد بذل ما في مقدرته من الأفعال والأعمال ثُمَّ إيكال الأمر إليه حتى تصل إلى النتيجة ، ولأجل ذلك ورد الأمر بالتوكّل في الحروب والمغازي التي يجب للإنسان بذل ما يملك من النفس والنفيس فيها.
قال سبحانه : ( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ) ( آل عمران / ١٢١ و ١٢٢ ).
قد ورد هذا اللفظ في الذكر الحكيم مضافاً وغير مضاف ٤٤ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه ٣٥ مرّة منطوقاً ومفهوماً.
قال سبحانه : ( وَكَفَىٰ بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللهِ نَصِيرًا ) ( النساء / ٤٥ ). هذا على وجه المنطوق.
وأمّا على وجه المفهوم فقد قال سبحانه : ( مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ ) ( السجدة / ٤ ).
وقد مضى معنى « الولي » عند البحث عن اسم « المولى » فلاحظ.