التفكر العقلي والاستدلال المنطقي
في الذكر الحكيم
إنّ النظرة الفاحصة إلى المجتمع البشري تكشف من أنّ الإلهيين يشكّلون الأكثرية الساحقة من الاُمم والشعوب ، وهم الذين يعتقدون بوجود مبدأ أعلى للعالم وراء المادة وتخالفهم شرذمة قليلة تنكر ذلك بل تنكر كلّ ماوراء الطبيعة ، وإنّما وصفناهم ـ بالقلّة ـ مع انّهم يشكلّون جماعة كبيرة في العالم ، ويسمّونها معسكر الشرق بفئاته المختلفة ، لأنّ ذلك المعسكر قد فرض على تلك الشعوب الالحاد والماديّة ، بحيث لو ارتفع الضغط لترى كيف خالط الإيمان ضميرهم ، وأنّهم ما برحوا على صلة وثيقة بالدين بفطرتهم ، ولو تظاهروا بالماديّة ، فإنما يتظاهرون تحت ضغط القوى المسيطرة عليهم التي ألجأتهم إلى ذلك (١).
وقد كان المتوقع من الإلهيين أن يشكلّوا صفاً واحداً وأن لايختلفوا في ما يتعلّق بالمبدأ إلاّ أنّهم ـ مع الأسف ـ إختلفوا في أبسط المسائل فضلاً عن العميقة منها ، وتفرقوا إلى مذاهب وشيع ، والسبب الأساسي ـ لهذا الإختلاف هو تنازعهم في أسمائه سبحانه وصفاته وأفعاله ، وهذا هو المنشأ الحقيقي لإفتراق الالهيين وظهور الديانات والمذاهب في المجتمع الإلهي.
__________________
(١) ترى أنّ غوربا تشوف لمّا منح الحرّية النسبية لشعب الاتّحاد السوفيتي ارتفعت من جديد أصوات المآذن في أجواء ذلك البلد ، وأقبل الناس حتّى الشباب منهم على القضايا الدينية ، حتّى انّ وكالات الأنباء نقلت أخباراً عن بناء مساجد جديدة ، وقيام اجتماعات دينية واسعة ، والمطالبة بمنح المزيد من الحرّيات الدينية والاعتقادية.