وهناك هداية خاصّة تختصّ بجملة من الأفراد الذين استضاؤا بنور الهداية العامّة تكوينها وتشريعها ، فتشملهم العناية الخاصّة منه سبحانه.
ومعنى هذه الهداية هو تسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة ، وتوفيقهم للتزوّد بصالح الأعمال ، ويكون معنى الإضلال في هذه المرحلة هو منعهم من هذه المواهب ، وخذلانهم في الحياة ، ويدلّ على ذلك ( إنَّ هذه الهداية خاصة لمن استفاد من الهداية الاُولى ) ، قوله سبحانه : ( إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) ( الرعد / ٢٧ ). فعلّق الهداية على من اتّصف بالإنابة والتوجّه إلى الله سبحانه.
وقال سبحانه : ( اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ) ( الشورى / ١٣ ).
وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ ) ( العنكبوت / ٢٩ ). فمن أراد وجه الله سبحانه يمدّه بالهداية إلى سبله.
وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ) ( محمد / ١٧ ).
وقال سبحانه : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) ( الكهف / ١٣ و ١٤ ).
وكما أنَّه علّق الهداية هنا على من جعل نفسه في مهب العناية الخاصّة ، علّق الضلالة في كثير من الآيات على صفات تشعر باستحقاقه الضلال والحرمان من الهداية الخاصّة.
قال سبحانه : ( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ( الجمعة / ٥ ).
وقال سبحانه : ( وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ ) ( إبراهيم / ٢٧ ).