الصفات الثبوتية من العلم والقدرة والحياة يرجع إلى أصل واحد وهو وجوب الوجود والوجود المتأكّد وقد عرفت أنّ المحقّق الطوسي استنتج من توصيفه سبحانه بالغني ، والوجود ، جميع الصفات الكمالية ، كما أنّ جميع الصفات الإضافية كالخالقية والرازقية والعلية ترجع إلى إضافة واحدة وهي اضافة القيّوميّة ، فانّ كونه بحيث يقوم به غيره من وجود أو حيثية وجودية عبارة اُخرىٰ عن قيّوميّته ، فالخلق والرزق والحياة والعزّة والهداية حيثيّات وجوديّة وهي قائمة به مفاضة من عنده.
فاتّضح أنّه يمكن الجمع بين الكمالين : كمال البساطة وكمال اتّصاف الذات بواقع الصفات الكماليّة بشرط أن تقف على موضع الوحدة ، وانّ المدّعى ليس اتحادها مع الذات في اطار المفهوم بل المدّعى اتّحاد واقعية الذات مع واقعيّة هذه الصفات في الخارج ، وكم له من نظير في عالم الأعيان (١) .
إنّ صفات الله تعالى على نوعين : جماليّة وجلاليّة.
فالجماليّة عبارة عن الألفاظ الدالّة على معان قائمة بذات الله تعالى كقولنا : عالم ، قادر ، حيّ.
والجلاليّة عبارة عن سلب معان عن الله سبحانه كقولنا : « الله ليس بجسم ولا جسمانيّ ولا جوهر ولا عرض » ولعلّه إلى القسمين يشير قوله سبحانه : ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) ( الرحمن / ٧٨ ).
فصفة الجلال ما جلّت ذاته عن مشابهة الغير ، وصفة الاكرام ما تكرّمت
__________________
(١) وسنرجع الى هذا البحث عند دراسة كون صفاته عين ذاته ، وما ذكر هنا ـ كثرة أسمائه وبساطة ذاته ـ وما سيأتي : صفاته عين ذاته ، وجهان لعملة واحدة غير أنّ حيثيّة البحث في المقامين مختلفة.