قيل به في الاسمين : الله ، والرحمان.
أمّا لفظ الجلالة فهو علم له تعالى خاص به ليس اسماً بالمعنى الذي نبحث عنه.
وأمّا الرحمان فقد عرفت أنّ معناه مشترك بينه وبين غيره تعالى لما انّه من الأسماء الحسنى ، هذا من جهة البحث التفسيري ، وأمّا من حيث النظر الفقهي فهو خارج عن مبحثنا.
قد عرفت عند البحث عن كثرة صفاته مع بساطة ذاته انّه يمكن انتزاع مفاهيم كثيرة عن البسيط غاية البساطة وانّ من منع ذلك فقد خلط بين التغاير المفهومي والمصداقي (١).
وليس المراد وحدة الصفات مفهوماً بل المراد وحدتها تحقّقاً ومصداقاً ، ولقد كان لهذا البحث صدى كبيراً في الأدوار السالفة وقد افترق فيه المسلمون إلى فرقتين فالقائلون بالاتّحاد سمّوا بنفاة الصفات ، كما انّ القائلين بالزيادة نوقشوا بالقول بالقدماء الثمانية ، فيجب علينا تحقيق الحق في ذلك المجال مضافاً إلى ما ذكرناه في البحث السابق.
إنّ كيفية اجراء صفاته سبحانه على ذاته أوجد هوّة سحيقة بين متكلّمي المعتزلة والأشاعرة ، فمشايخ الاعتزال لأجل حفظ التوحيد ، ورفض تعدد القديم ، وتنزية الخالق عن التشبيه ، ذهبوا إلى أنّ ملاك اجراء هذه الصفات هو الذات ، وليست هنا أية واقعيّة للصفات غير ذاته إلاّ ان عقيدتهم في ذلك المجال تقرّر بوجهين :
__________________
(١) سبق الكلام عن المقام عند البحث عن « بساطة ذاته وكثرة أسمائه » وقد عرفت انّ البحثين وجهان لعملة واحدة وهما متّحدان جوهراً ومختلفان حيثيّة.