و هذا النقد ـ لو سلم ـ فإنّما يتوجّه إلى النظرية الاُولى لا الثانية ، ومع ذلك يمكن لأصحاب النظرية الاُولى الدفاع عن أنفسهم أيضاً قائلين بالفرق بين قول الزنادقة وهذه النظرية ، فالزنادقة ينفون المبادئ على الاطلاق ، والمعتزله ينفون المبادئ لكن يقيمون الذات مقام الصفات في الأثر والغاية.
نعم ما أجاب به الأشعري عن النظرية الثانية ساقط جداً حيث قال لو كان علم الله هو الله يلزم ان يصح أن نقول يا علم الله اغفر لي وارحمني (١).
وهذا النقد يعرب عن عدم تفريق الشيخ بين الوحدة المفهوميّة والوحدة المصداقيّة والمعتزلة أعني أبا الهذيل ومن تبعه أو من سبقه لا يدّعون الوحدة المفهومية حتى يصحّ أن نقول : يا علم الله اغفر لي ، وإنّما يقولون بالوحدة المصداقية واتّحاد العلم مع الذات لا يسوّغ استعمال العلم في الذات.
القائلون بوحدة صفاته مع ذاته يستدلّون بدليلين واضحين :
أحدهما : إنّ القول بالزيادة يستلزم تركيب الذات مع الصفات ، والتركيب آية حاجة المركّب إلى كلّ واحد من الجزئين ، والحاجة حليف الامكان ، والممكن لا يكون واجباً.
ثانيهما : إنّ القول بالزيادة يستلزم تعدّد القدماء ، لأنّ المغايرة حقيقية واقعيّة لا مفهوميّة ، وأدلّة وحدة الواجب تضادها ، فلا محيص من القول بالتوحيد ، وفي ذلك يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام :
« وكمال الاخلاص له نفي الصفات ( الزائدة ) عنه لشهادة كلّ صفة انّها غير
__________________
(١) نفس المصدر ص ١٠٨.