والمسلمون تفرّقوا إلى طوائف وشعوب وجلّ اختلافهم يرجع إلى أسمائه سبحانه وصفاته وأفعاله.
فالعدليه منهم يصرّون على تنزيهه وتوحيده وهم « المعتزلة » و « الإمامية » و « الزيدية » بفرقهم المختلفة ، فالله سبحانه عندهم ليس بجسم ولا جسماني لا تحيطه جهة ولا مكان ليس بجوهر ولا عرض إلى غير ذلك من الصفات الجلاليّة كما أنّه سبحانه عندهم حكيم لا يصدر عنه قبيح ، لا يظلم ولا يجوز عليه الظلم وإن كان قادراً عليه.
ولكن « أهل الحديث » و « والحنابلة » لابتعادهم عن البحوث العقلية ، وقعوا في مهالك التجسيم والتشبيه ، وتجويز نسبة القبيح إليه سبحانه بحجّة أنّه ليس للعبد فرض شيء على الله سبحانه ، فله الحكم وله المشية ، وقد أصبحت الدعوة السلفيّة شعاراً لمن يريد التخلّص من مخالب الإختلاف ، والإبتعاد عن التفكّر والتدبّر في المعارف.
وصفوة القول : إنّك إذا لاحظت الكتب الكلامية تقف على أنّ اُصول الاختلاف في الديانات والمذاهب ترجع إلى اختلافهم في أسمائه وصفاته وأفعاله وشئونه فهذا هو الذي أوجد مدارس كلاميّة شتّى واتجاهات متغايرة بين الالهيين فلازم علينا ان ندرس هذا الجانب دراسة موضوعيّة دون تحيّز إلى فئة دون فئة.
الإنسان محبوس في إطار المادّة والماديات ، ولابث بين جدران الزمان والمكان ، يأنس بالتعرف على الأشياء عن طريق التشبيه والمحاكاة ، فيصعب عليه تصوّر موجود ليس له جسم ، وليس له جهة ولا مكان ، ولا يحوطه زمان ولا يوصف بالكيف والكم ، فلأجل ذلك نرى كثيراً من الالهيين لا ينفكّون عن تشبيه ماوراء الطبيعة بما فيها ، وكأنّ تفكيرهم أصبح أسير المادة والجسمانية وقلّ من نجى من مخاطر التشبيه ، ومخالب التجسيم.