يلاحظ عليه : أنّ تفسير الإرادة بالشوق تفسير ناقص إذ ربّما تتحقّق الإرادة ولا تكون هناك أيّة شوق كما في تناول الأدوية المرّة لأجل العلاج ، وربّما يتحقّق الشوق المؤكّد ولا تكون هناك إرادة كما في مورد المحرمات للرجل المتّقي فالنسبة بين الشوق والإرادة عموم وخصوص من وجه.
الإرادة لدى البعض عبارة عن كيفيّة نفسانيّة متخلّلة بين العلم الجازم والفعل ويعبر عنه بالقصد والعزم تارة ، وبالإجماع والتصميم اُخرى ، وليس القصد من مقولة الشوق كما انّه ليس من مقولة العلم ـ رغم حضوره لدى النفس كسائر الكيفيّات النفسانيّة ـ وبإختصار : الإرادة هي القصد وإجماع النفس على الفعل والعزم القاطع هذا هو حقيقة الإرادة في الإنسان.
الإرادة الامكانية تلازم الحدوث
وعلى كلّ تقدير الإرادة في الإنسان بأيّ معنى فسّرت ظاهرة تظهر في لوح النفس تدريجيّة فيتقدّمها اُمور من تصوّر الشيء والتصديق بما فيه من الفائدة ثمّ حصول الاشتياق إليه في موارد خاصّة ، ثمّ رفع الموانع عن طريق ايجاد الشيء وأخيراً حالة التصميم والقصد القطعي المحرّك للعضلات نحو المقصود.
وهذا أمر واضح يقف عليه الإنسان إذا تدبّر في حالات نفسه ، ومن المعلوم انّ الإرادة بهذا المعنى لا يمكن توصيفه سبحانه به لأنّه يستلزم كونه موجوداً مادياً يطرأ عليه التغير والتبدل ، والتكامل من النقص إلى الكمال ، ومن الفقدان إلى الوجدان وما هذا شأنه لا يليق بساحة البارئ.
إنّ الإرادة ملاك الإختيار ، فالفعل إنّما يوصف بالاختيار إذا صدر عن مشيئة