يستلزم كونه فاعلا غير مختار وتصور فاعل أكمل منه وهو لا يليق بساحته وإليك البيان.
إنّ الإرادة بما أنّها آية الاختيار تستلزم أن تعدّ من صفات الذات فإنّ سلبها عن مقام الذات يستلزم سلب كمال منها غير أن أمام هذا موانع تمنع عن عدّها من صفاتها وإليك بيانه :
١ ـ إنّ الإرادة لا تنفك عن الحدوث والتدريج ، فيستحيل أن تكون ذاته سبحانه محلاً للحوادث لاستلزامه طروء الفعل والانفعال على ذاته وهو محال.
٢ ـ إنّ الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام تفسّر الإرادة بنفس الفعل والايجاد ، وهذا يكشف عن كونها صفة الفعل. وسيوافيك بيان هذه الأحاديث.
٣ ـ إنّ الملاك الذي ذكره الكليني لتمييز صفة الذات عن صفة الفعل ، يستلزم عدّها من صفات الفعل لا من صفات الذات ، فإنّ صفات الفعل تقع تحت النفي والاثبات ويقال : « يَخلق ولا يُخلق » « يَغفر ولا يُغفر » بخلاف صفة الذات فإنّها تقع تحت الاثبات دون النفي ، يقال : « يعلم ويقدر » ولا يقال : « لا يعلم ولا يقدر » ، وعلى ضوء هذا فبما أنّه سبحانه يريد الحق ولا يريد الباطل ، يريد إيجاد شيء مطابق للحكمة ولا يريد إيجاد ما يخالفها ، فهي من صفات الفعل لا من صفات الذات (١).
٤ ـ لو كانت الإرادة نفس ذاته ; لزم قدم العالم لأنّها متّحدة مع الذات والذات موصوفة بها وهي لا تنفك عن المراد ، فيلزم أن لا ينفكّ العالم عن الذات.
فهذه هي الموانع الأربعة أمام عدّ الإرادة من صفات الذات فالقائل بكونها من
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ١٠٩.