النزاع في حدوث العالم وقدمه لفظيّاً الاّ على قول الحكماء بقدم هذا العالم من أفلاكه وفلكياته وعناصره البسيطه حيث إنّ النزاع في قدمه وحدوثه معنوي كما لا يخفى.
وأمّا بالنسبة إلى ما سوى هذا العالم فالحكماء ينكرون أصل وجوده ، ويزعمون انحصار العالم في عالمنا ، ولو كان له وجود قبل عالمنا فلا محالة يكون عالمنا حادثاً بالحدوث الزماني المسبوق بالعدم الواقعي ، كما أنّ الاعتراف بوجود العقول وعالم الجبروت يساوق الاعتراف بوجود الممكن القديم بالزمان كما لا يخفى (١).
قد تعرّفت على أنّ صفة التكلّم ممّا وقع فيه الكلام وأنّه هل هو صفة فعل أو صفة ذات ، وقد أثارت هذه المسألة في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث ضجّة كبيرة بين المسلمين ، وأوجدت محنة في التاريخ سمّيت بمحنة أحمد ، وقد بالغت شيعة أحمد كإبن الجوزي في مناقبه في تحرير هذه المحنة وتحليلها فجاء بقصص وروايات لم يروها غيره وجعل منه بطلاً دينيّاً ، مجاهداً من أجل عقيدته وآرائه. وعلى كلّ تقدير فنحن نبحث عنها على ضوء البرهان وهدى الكتاب والسنّة.
أجمع المسلون تبعاً للكتاب والسنّة على كونه سبحانه متكلّّماً وقد شغلت هذه المسألة بال العلماء والمفكّرين في العصور المتقدّمة ووقع الجدال في موضعين :
الأوّل : ما هو المراد من هذا الوصف ؟
الثاني : هل كلامه ( القرآن ) حادث أو قديم ؟
__________________
(١) درر الفوائد : للمحقق الشيخ محمد تقي الآملي قدسسره ج ١ ص ٢٧٢ ـ ٢٧٤.