الكرة ... ولهذا نرى بني لام يسمونها (العيادة) باعتبار انها تدعوهم إلى العودة وتعتلي بيتا أو محلا بارزا ، وتصرخ بهم قائلة :
العودة! العودة! أو العادة ، العادة!
عليهم! عليهم!
وعلى كل حال تعرف ب (العمارية) أيضا ، تسوق ناقتها إلى الأمام بأمل أن ينقذوها ، وأن يتقدموا نحو أعدائهم ، ويتفادوا في سبيل خلاصها ...!
ومثل هذه تكون صاحبة جنان قوي لا تهاب الموت ، وكثيرا ما تصاب قبل كل أحد ، ويقصدها العدو خشية أن تشجع القوم ، وتجعلهم في حالة استماتة وتفاد عظيم في الدفاع ...!
وهذه عادة قديمة في البدو ، ولم تكن من عوائد هذه الأيام ، ولا دخيلة في العرب ، وإنما هي موجودة من زمن الجاهلية :
يقدن جيادنا ويقلن لستم |
|
بعولتنا اذا لم تمنعونا |
وغاية ما ينتفع من هذه العمارية ، أو العماريات حينما يشعر القوم بضعف ، أو قلة في العدد ، وخور في العزائم ، فيركن النساء إلى ما يشجع ويقوي العزائم ..
والأمم لا تزال تستخدم أنواع الأساليب لإثارة الهمم ، وتقوية العزم وتوليد العقيدة الراسخة للاستماتة ، كاستعمال خطابات ، واذاعة نشرات ، وركون إلى تهييج عداء سابق وتذكير به ، ونظم أشعار حماسية ... وإلا فالقوة والعدد الكاملة ليس فيها ما يكفل النجاح ، وإنما يجب أن تقوى الروح في التفادي والتهالك في سبيل الدفاع الوطني ...
وهذه الحالة النفسية لا يجرد منها البدوي كما لا يجرد المدني ...!! والنزاع لا يقتصر على الكلأ والمراعي ، ولا لسوء معاملة من المجاور ، ولا من جراء انتهاك حرمة دخيل ، فقد يكون من جرائم قتل ، أو من تعرض لعفاف ... مما لا يحصى ...! والغزو من أشهر أسباب حروبهم ...