وخواصّه ، وآفاقه وآثاره المغايرة لعالم الجسد ، وإذا توفّى الله الإنسان تلاشى هذا البدن وعادت الروح إلى عالمها الكبير :
ونعم ما قيل :
عليك بالنفس فاستكمِلْ فضائلَها |
|
فأنت بالنفسِ لا بالجسمِ إنسانُ (١) |
الإنسان الأوّل ابن الأرض ، وسلالته كذلك ، إذ ليس من عنصر من عناصر بدنه إلّا وينتسب إلى أُمّه «الأرض» ، وعندما يموت يعود إلى رحم أمّه ليكون جزءاً من أجزائها ، ثمّ إذا بعثه الله أخرجه منها :
قال تعالى : (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ) (٢).
والإنسان ما بين النشأتين كيان مفكّر ، مدرك عاقل ، له بصر وبصيرة ، وعواطف وأحاسيس ، وتطلّعات ونظريات ، واكتشافات واختراعات ، وله آمال وأهداف ، ووعي واستعدادات تؤهّله إلى ارتقاء سلالم الكمال.
وفي كلّ هذه الأطوار والمراحل قد هيّأ الله تعالى من الأسباب التي ترعاه وتحفظه ، وتمدّه بأسباب البقاء ، نطفةً وعلقةً ، ومضغةً وطفلاً ، وشابّاً وشيخاً.
يقول السيّد عزّ الدين بحر العلوم في كتابه الموسوم بـ «أضواء على دعاء كميل» ما نصّه : إنّ الإمام الحسين عليه السلام يخرج من خيمته في ظهيرة يوم التاسع من ذي الحجّة ، في وسط ضجيج الحجيج ، وتكبيرهم وتهليلهم ، يحوط به أهل بيته ، ولفيف من شيعته ليقف بجانب الجبل من وادي عرفات ، متّجهاً صوب البيت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ البرهان للزركشيّ ٢ : ٤٦٩.
٢ ـ طه : ٥٥.