خسيساً ولا ضعيفاً ، بل هو من صفات النفس المحمودة.
أمّا الضعة فهي من الخِسّة والدناءة ، وهذه من الصفات الرذيلة.
والتواضع ضد الكبر ، قال تعالى : (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً) (١).
لقد ربّى الإسلام أتباعه تربية صالحة كانت الاُنموذج الأمثل ، والقدوة الحسنة في الفكر والاعتقاد والسلوك العمليّ ، لقد علّمهم الإسلام أن يتوجّهوا إلى الله سبحانه بكلّ حركاتهم وسكناتهم ومشاعرهم ، لا يأخذون عن غير السماء ، ولا يقصدون أحداً غير وجهه الكريم.
والآية الكريمة تصف هؤلاء العباد الذين أضافهم سبحانه إليه بالتواضع ، والتصرّف بتلقائية وعفوية من دون تكلّف ولا تكبّر ، أنّهم أقوياء متماسكون ، ثابتون على الحقّ والهدى عن بصيرة ، ولكنّهم أهل وقار وسكينة ، ليسوا أهل جدل وخصام ، ومهاترات واشتباكات ، ولا أهل تعنّت وتجبّر ، بل هم أرفع قدراً ، وأسمى مكانةً من النزول إلى مستوى الجهلاء والسفهاء ، قال الله تعالى : (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً).
إنّ التواضع لله وللناس من الأخلاق المطلوبة ، وقد ورد في الآثار أن تخلّقوا بأخلاق الله (٢) ، وهذه الصفات الكريمة ممّا تزيل الحُجُبَ والرّين والصدأ عن القلوب ، والقتام عن النفوس ، فتتلألأ فيها حقائق الإيمان ، وتزهر حقائق المعارف ، وتتألّق حقائق الصفات الكريمة ، وهذه القلوب كلّما طهرت وأقبلت على الله بالطاعة زادها الله قرباً إلى ساحة قداسته ، فيغمرها بالإفاضات الربانيّة ، والمواهب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الفرقان : ٦٣.
٢ ـ بحار الأنوار ٥٨ : ١٢٩.