العرفانيّة ، ممّا لا يمكن حصوله عن طريق الكسب العادي.
قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (١).
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : مَن أخلص لله أربعين يوماً فَجَّر الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (٢).
وقال صلى الله عليه وآله : نَضَّرَ الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ، ثمّ بلّغها من لم يسمعها ، فَرُبَّ حامل فقهٍ غير فقيه ، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغلُّ عليهنّ قلب امرئٍ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم. المسلمون أخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمّتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم (٣).
إنّ السير والسلوك إلى الله مهبط من مهابط الإفاضات ، ومنزل من منازل الكرامات التي هي خارج الفهم العادي والإحاطة بالحقائق ، وهذا المقام مبذول لكلّ أحد من دون منع ولا انقطاع ، ولكنّ الموانع والحجب التي ترين على القلوب هي المانع عن غدراك هذه الأنوار والأسرار الربّانية ، وهذه القلوب والنفوس ليس لها القابليّة ولا الاستعدادات ؛ لما فيها من الكدورات والخبث وركام المادّة والشهوات.
إنّ تطهير القلوب وتصفية النفوس تُحْدِثُ نقلةً نوعيّة عند الإنسان من عالم العمى إلى البصيرة ، ومن دركات الهوى إلى ارتقاء درجات الهدى ، ومن حضيض الجهل إلى مراقي العلم ، ومن ظلمات الردى إلى نور اليقين ، ومن عالم التزلزل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ العنكبوت : ٦٩.
٢ ـ عدّة الداعي : ٢١٨ ـ عنه بحار الأنوار ٦٧ : ٢٤٩ / ح ٢٥.
٣ ـ الخصال : ١٤٩ ـ ١٥٠ / ح ١٨٢ ـ باب الثلاثة.