وقد نقل إبراهيم وإسماعيل ـ عليهماالسلام ـ هذه الدعوة إلى أرض الجزيرة ، ولكن مع تقادم العهد نسي العرب نصيبا مما ذكروا به فطمسوا معالم التوحيد بالشرك والخير بالشر فجاءت دعوة المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لتذكيرهم بدعوة أبينا إبراهيم ـ عليهالسلام ـ والتوجه في سائر الأعمال لله الواحد الأحد ونبذ عبادة الأصنام والشرك بكل أنواعه.
فدعوة المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للوحدانية لم يكن بتأثير الوسط الوثني كما زعم المستشرقون بل هي صدى للدعوة الأولى دعوة إبراهيم عليهالسلام ، لأن أصلهما واحد. والتاريخ يشهد بذلك. والناظر في التوراة والإنجيل والقرآن وأي كتاب سماوي آخر يجد أن هذه الدعوة متكررة على لسان كافة أنبياء الله. فلا غرابة إذن من تجديد الدعوة لها في الإسلام على لسان رسولنا صلىاللهعليهوسلم.
والقرآن الكريم مليء بالآيات القرآنية الداعية لتوحيد الله سبحانه وتعالى ، منها : قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ)(١) وقوله تعالى : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)(٢).
وكذلك وضح القرآن هذه القضية في دعوة إبراهيم عليهالسلام كما أنه كان داعية إلى هذا التوحيد. قال تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(٣).
الشبهة الثانية :
زعموا أن هناك تشابها بين الإسلام والوسط الجاهلي الذي نشأ فيه في جانب الشعائر التعبدية كالحج مثلا بما فيه من طواف وتقبيل للحجر الأسود وسعي
__________________
(١) سورة البينة : (٥).
(٢) سورة النحل : (٥١).
(٣) سورة النحل : (١٢٠).