تنتقل فيه بين أسباب وأوتار وفواصل على أوضاع مختلفة يأخذ منها كل وتر من أوتار قلبك بنصيب سواء. فلا يعروك منه على كثرة ترداده ملالة ولا سأم ، بل لا تفتأ تطلب منه المزيد.
هذا الجمال التوقيعي في لغة القرآن الكريم لا يخفى على أحد ممن يسمع القرآن الكريم ، حتى الذين لا يعرفون لغة العرب فكيف يخفى على العرب أنفسهم؟ (١).
هذا هو اعتراف أهل الفصاحة والبلاغة والشعر أن القرآن ليس بشعر ولا يشبهه فهل بلغ بالمستشرقين أن أصبحوا أكثر من أهل العربية فصاحة وبلاغة وقدرة على وقوفهم على ما هو شعر مما هو قرآن؟ أم هو الجهل الفاضح والحقد الدفين؟ يستدرجون به عقول بعض السذج ليكبروهم ويعظموهم ويظنون أنهم أتوا بما لم تأت به الأوائل.
٢ ـ المصدر الثاني :
الحنفاء :
ذهب بعض المستشرقين ومنهم «تسدال» و «مستر كانون سل» (٢) وغيرهما إلى أن الحنيفية ورجالها قبل البعثة المحمدية هم أحد مصادر القرآن الكريم بدليل وجود توافق وتشابه بين أحكام القرآن وهداياته وبين ما كان يدعو إليه الحنفاء مثل :
١ ـ الدعوة لإفراد الله بوحدانيته سبحانه وتعالى.
٢ ـ رفض عبادة الأصنام.
٣ ـ الوعد بالجنان.
٤ ـ الوعيد بالعقاب في جهنم.
__________________
(١) انظر النبأ العظيم ، دراز ، ص ١٠٢ ، ١٠٣ (بتصرف).
(٢) انظر مصادر الإسلام ص ١٩٨ وما بعدها ، وكتاب حياة محمد ص ٥٦ ـ ٥٧.