وما دخل على أهل الكتاب والصابئين والمجوس وغيرهم من الاضطراب والحرج والمفاسد دخل عليهم ذلك من جهة المتفلسفة الصابئة (١).
وهكذا يلاحظ أن ضبط العبادات والأحكام بشيء من الكواكب أمر عليه كل الأمم منذ القديم وليس السير فيه على سنة الصابئة وإلا لكانت الصابئة مصدر المعرفة بهذا الباب لكل الأمم وهذا مردود.
ومن هنا تسقط هذه الشبهة كذلك.
ولله الحمد والمنة.
الشبهة الثالثة : التشابه في الحج والتلبية ، وتقديم القرابين :
قلت : بعد رجوعي لما كتب عن الصابئة لم أجد هناك تفسيرا حول هذه الشعيرة إلا أني وجدت أنه كان عندهم حج وكان عندهم تقديم القرابين للآلهة المزعومة عندهم.
أما الحج فهو عبادة موجودة في أهل الأديان وغيرهم وممتدة جذوره لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ الذي أذن في الناس بالحج فلبى نداءه كل من حج لبيت الله الحرام وسيلبيه كل من سيحج قال تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ* وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)(٢).
وقد وضحت دائرة معارف المستشرقين أن الحج لم يكن خاصا بالعرب دون غيرهم من الأمم ، بل كان كذلك عند اليهود والنصارى وبعض الوثنيين (٣)
__________________
(١) انظر مجموع فتاوي الإمام ابن تيمية رحمهالله ٢٥ / ١٣٤ ـ ١٤٢.
(٢) سورة الحج آية (٢٦ ـ ٢٧).
(٣) انظر دائرة المعارف الإسلامية ٧ / ٣٠٥.