حيث قال : [وبالجملة فكل كتاب وشريعة كانا مقصورين على رجال من أهلها ، وكانا محظرين على من سواهما : فالتبديل والتحريف مضمون فيهما وكتاب المجوس وشريعتهم إنما كان طول مدة دولتهم عند «المؤبذ» وعند ثلاثة وعشرين هربذا لكل هربذ سفر قد أفرد به وحده لا يشاركه فيه غيره من الهرابذة ولا من غيرهم ولا يباح بشيء من ذلك لأحد سواهم ثم دخل فيه الخرم بإحراق الإسكندر لكتابهم أيام غلبته لدارا بن دارا. وهم مقرون بلا خلاف بينهم أنه ذهب منه مقدار الثلث ذكر ذلك بشير الناسك وغيره من علمائهم](١).
وقد نقل عن عمر بن الخطاب أنه عد الزرادشتية أهل كتاب وعاملهم على هذا الأساس (٢) ذكر سفيان قال : (سمعت عمر قال : كنت جالسا مع جابر بن زيد ، وعمرو بن أوس فحدثهما بحاله سنة سبعين سنة حج مصعب ابن الزبير بأهل البصرة عند درج زمزم قال : كنت كاتبا «لجزء بن معاوية» عم الأحنف ، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل مدته بسنة ، فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن ابن عوف أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أخذها من مجوس هجر) (٣) والمعروف أن الجزية لا تؤخذ إلا من كتابي.
وممن قال كذلك أنهم من أهل الكتاب علي بن أبي طالب وحذيفة ـ رضي الله عنهما ـ وسعيد بن المسيب ، وقتادة ، وأبو ثور ، وجمهور أصحاب أهل الظاهر.
وقد أشار لهذا المعنى أبو الحسن الندوي بقوله : [إن بقايا الأخلاق والفضائل والمثل العليا الباقية في هذا العالم اليوم لا بد من إرجاعها بصورة أو بأخرى إلى ديانة سماوية موحى بها](٤).
__________________
(١) الفصل في الملل والأهواء ١ / ٩٢.
(٢) الديانات والعقائد ١ / ٢٥٢.
(٣) انظر صحيح البخاري ٤ / ٦٢ كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب.
(٤) كتاب النبوة والأنبياء في ضوء القرآن ـ لأبي الحسن الندوي ـ دار القلم دمشق ص ٤٢.