فالذي يرجح عندي أن الزرادشتية سواء كانت في صورتها القديمة أو بعد تغيرها وانحرافها عن طريقها الأول قد تأثرت بعدة ديانات سماوية.
أما ما ذكره «تسدال» من نقاط مشابهة كما ورد في القرآن وهي عند الزرادشتية كقصة المعراج. فهذه القصة لم تذكر عندهم في كتب يصح الاعتماد عليها. وإن وجد مثل ذلك فعلى اعتبار أن أصل هذه الديانة سماوي أو تأثرت بما هو سماوي ولا مانع أن تتكرر مثل هذه الحادثة في عدة ديانات لوحدة المصدر. وهذا شبيه بما توافق وقوعه في التوراة والإنجيل والقرآن كالجنة والنار والميزان وغير ذلك فلا ضرورة أن يكون بعضهم أخذ من بعض وإنما ذلك بابتداء الوحي لكل نبي على حدة. وأما الاتفاق بين الإسلام والزرادشتية في شأن الجنة والنار ، وملك الموت ، والشيطان ، والصراط. فهذا أمر ذكرته كل الديانات السماوية لوحدة المصدر كما سبق وبينت. إلا أني أود أن أوضح أمرا وهو أني قد وجدت «تسدال» ذكر أن خروج عزازيل (الشيطان) كان من النار ونسب موطن ذلك في الإسلام لبعض الكتب الإسلامية كقصص الأنبياء للثعلبي وبعد رجوعي للكتاب المذكور لم أجد ما ذكره ووجدت ما عنده هو ما عند المسلمين جميعا. وأن خروجه كان مع آدم وحواء ـ عليهماالسلام ـ من الجنة.
و «تسدال» نسب ذلك لبعض كتب الزرادشتية ولا ندري أهذا ثابت في كتبهم أو خطأ في الترجمة لها.
أما بالنسبة للبسملة والتوافق بين الإسلام والزرادشتية على مثلها. فهو أمر عام عند كل شعوب الأرض أن تبدأ مراسلاتهم باسم السلطة أو الجهة الحاكمة للبلد ولله المثل الأعلى فإذا ابتدأ كتابه بذلك وجاءت رسائل الأنبياء في الزرادشتية مفتتحة ببسملة فهذا لا غرابة فيه ، كما أنه ليس من الضرورة أن يكون هذا دليلا على أخذ الإسلام من الزرادشتية لمثل هذه الشبهة.
أما شهادة الأنبياء لبعضهم بعضا وتبشير السابق باللاحق فهي فكرة عامة في كل الديانات السماوية بأخذ النبي الميثاق على أمته أن يؤمنوا بالأنبياء الذين