٢ ـ الدافع التاريخي :
العلاقة بين الشرق والغرب قديمة جدا ، كان يصحبها في بعض الأحيان عداء وحروب بين الطرفين ، وصراع من أجل السيطرة سواء كانت فكرية أو عسكرية. مما يدعو كل طرف منهما للاطلاع على ما عند الآخر من عقائد ، وتراث وحضارة وعادات وقيم ليخترقه ويسيطر عليه من خلال نقاط الضعف التي فيها. ومن الأمثلة على ذلك الحروب الصليبية حيث اقتضت هذه الحروب استصحاب من له خبرة واطلاع على جغرافية الشرق وأحوال أهله ودياناتهم وعاداتهم .. إلى غير ذلك من الأمور (١).
٣ ـ الدوافع الاقتصادية والتجارية :
من الدوافع التي كان لها الأثر في تنشيط حركة الاستشراق ، رغبة الغربيين في التعامل مع الشرق لترويج بضائعهم في أسواقه والاستيلاء على موارده الطبيعية الخام بأبخس الأثمان ؛ لذا حرصوا على فتح أسواق تجارية لصناعاتهم في منطقتنا ، وحرصوا كذلك على قتل النشاط الصناعي والتجاري في شرقنا حتى يبقى متخلفا ، شاعرا بالنقص والحاجة لهم ، منهزما نفسيا أمام تقدمهم مما يسهل خضوعه وخنوعه وانقياده لهم.
هذه من الدوافع التي جعلت الغرب يهتم بالشرق ويحب التعرف على كل شيء فيه خاصة جغرافيته ، ومكان الخيرات فيه مما جعل هؤلاء الطامعين يشجعون الباحثين والمفكرين في تقديم دراسات وافية عن الشرق (٢) وقد نالت هذه الدراسات الرضا والقبول وأصبحت تدر على أهلها ودور النشر التي تتولى نشرها أرباحا هائلة.
٤ ـ الدافع الديني :
إننا لا نحتاج إلى عناء كبير للتعرف على دافع الاستشراق الديني فقد بدأ
__________________
(١) الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ـ د. محمود زقزوق ص ٧٤.
(٢) افتراءات فيليب حبيب وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي ـ عبد الكريم الباز ص ١٩ ، وأجنحة المكر الثلاثة ص ١٢٨.