كما أن بعض المصادر اليهودية أشارت لعيسى الكلام في المهد حيث جاء عندهم (أخذ الرضيع في المشي فخطا سبع خطوات إلى الأمام وسبع خطوات إلى الخلف وتكلم كما يتكلم الكهل ثم ذهب لينام في مهده بكل تعقل) وإن عد بعضهم هذا من الأساطير.
فإذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ الأناجيل وتدوينها والظروف التي مرت بها وأثرت عليها أدركنا أن ما ذكره القرآن الكريم هو العمدة والمعول عليه ، فما وافقه من الأناجيل أو الكتب النصرانية يكون صحيحا ، وما خالف القرآن منها يكون قد دخله التحريف والتبديل ، والزيادة والنقص. والمسلمون قد انعقد إجماعهم على قيام عيسى بعدد من المعجزات ، منها ما جرى لها ذكر في القرآن فاعتبر المسلمون أن الاعتقاد بها ملزم ومنها ما عرفوه من المصادر المسيحية فلم يدفعوها في الغالب كما لم يدافعوا عنها. وكما أن القرآن ـ مثله في ذلك مثل أناجيل الطفولة ـ لا يميز بين المعجزات التي حققها عيسى قبل البعثة وبين المعجزات التي حققها زمن الدعوة فإن المصادر لا تقوم كذلك بهذا التمييز وتضعها جميعا في نفس المستوى.
ومن هذه المعجزات التي ذكرها القرآن ولم تذكرها المصادر النصرانية المعتمدة عندهم اليوم (١).
أ ـ كلام عيسى ـ عليهالسلام ـ في المهد :
زعم «تسدال» أن هذه القصة مكذوبة مأخوذة من الأقباط وحصل عليها محمد عن طريق مارية القبطية. أما كلام عيسى فقد تم بعد سن الثلاثين من عمره ـ عليهالسلام ـ على حد زعم تسدال ـ وكلامه كان لشجرة التين عند ما لم يجد عليها ثمرا في الوقت الذي يجب أن تكون مثمرة فخاطبها (لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد) (٢) فيبست التينة في الحال. هذا هو سبب توهم محمد لكلام
__________________
(١) انظر الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ص ٢٦٨ ـ ٢٦٩.
(٢) إنجيل متى ـ الإصحاح الحادي والعشرون فقرة ١٩.